أنتَ تعلَمُ هذا أنَّ جميعَ الّذينَ في أسيّا ارتَدّوا عَنّي، الّذينَ مِنهُمْ فيجَلُّسُ وهَرموجانِسُ. ليُعطِ الرَّبُّ رَحمَةً لبَيتِ أُنيسيفورُسَ، لأنَّهُ مِرارًا كثيرَةً أراحَني ولَمْ يَخجَلْ بسِلسِلَتي، بل لَمّا كانَ في روميَةَ، طَلَبَني بأوفَرِ اجتِهادٍ فوَجَدَني. ليُعطِهِ الرَّبُّ أنْ يَجِدَ رَحمَةً مِنَ الرَّبِّ في ذلكَ اليومِ. وكُلُّ ما كانَ يَخدِمُ في أفَسُسَ أنتَ تعرِفُهُ جَيِّدًا.” ٢ تيموثاوس ١: ١٥-١٨

هذا النص هو الرسالة الأخيرة التي كتبها الرسول بولس قبل موته وهو يكتب عن عزائه في خدمة انيسيفورس له في السجن وايضا عن الاحباط من ناحية ارتداد الآخرين عنه عند سجنه.

وهنا يفسر البعض هذه الآية على أن بولس يطلب الرحمة لروح انيسيفورس ولهذا من الجائز الصلاة لأجل أرواح الموتى كما في طوائف عديدة تمارس هذا بخلاف النصوص الواضحة في الكتاب المقدس بأن الموتى لا يعلمون شيئا ويرقدون في تراب الأرض على رجاء القيامة. “لأنَّ الأحياءَ يَعلَمونَ أنهُم سيَموتونَ، أمّا الموتَى فلا يَعلَمونَ شَيئًا، وليس لهُمْ أجرٌ بَعدُ لأنَّ ذِكرَهُمْ نُسيَ” جامعة ٩: ٥

لاحظ هنا بأن كل هذا الكلام هو فعلا افعال ماضية! “أنَّ جميعَ الّذينَ في أسيّا ارتَدّوا عَنّي” فهل يعني الرسول بأن كل من في آسيا إذا قد مات إن كان يتكلم عنهم بالفعل الماضي؟ أم يتكلم هنا عن أحداث مضت حيث أنه في وقت كتابة الرسالة لم يعد يزوره أحد؟

ثم يقول ليُعطِ الرَّبُّ رَحمَةً لبَيتِ أُنيسيفورُسَ فالسؤال يتكرر هنا. هل يعني هذا بأن بيت انيسيفورس اصابتهم كلهم فاجعة ما وماتوا؟ وإن كان أحد يصر على أنهم ربما قد ماتوا جميعا، فها هو الرسول بولس يختم رسالته بالسلام عليهم! فكيف سيوصل تيموثاوس السلام إن كانوا قد رقدوا؟ “سلِّمْ علَى فِرِسكا وأكيلا وبَيتِ أُنيسيفورُسَ” ٢ تيموثاوس ٤: ١٩ من المنطق بأنه ليس فقط انيسيفورس ولكن أهل بيته أيضا ساعدوا الرسول بولس وهو يخصهم بالتحية. ولكن الآية ليست واضحة جدا ما إن كان انيسيفورس قد رقد فعلا وقت كتابة الرسالة هذه أم لا.

ثم يقول: “ ليُعطِهِ الرَّبُّ أنْ يَجِدَ رَحمَةً مِنَ الرَّبِّ في ذلكَ اليومِ.” اي يوم يقصد الرسول بولس؟ عند البحث عن هذا التعبير وكيف يستخدمه الرسول بولس في الكتاب المقدس تجد بأنه يقصد يوم المجيء الثاني والقيامة: “وأمّا أنتُمْ أيُّها الإخوَةُ فلَستُمْ في ظُلمَةٍ حتَّى يُدرِكَكُمْ ذلكَ اليومُ كلِصٍّ.” ١ تسالونيكي ٥: ٤.

فإن افترضنا بأن انيسيفورس قد رقد فعلا وأن الرسول بولس يطلب أن يجد رحمة في القيامة! لماذا في القيامة إن كان انيسيفورس أصلا في السماء كما تعلّم بعض الطوائف بخلاف الكتاب المقدس؟ الجواب لأن المسيح يسوع يكرر مرارا متى ستكون القيامة ومتى سيأخذ كل واحد نصيبه. أربع مرات يكرر المسيح في يوحنا ٦ بأنه سيقيم البار في اليوم الأخير وعلّم المسيح يسوع بأن الموت هو حالة نوم (يوحنا ١١).

لايمكن أن نعلّق عقيدة حالة الموت والصلاة لأجل الموتى على نص واحد لا يجزم ما إن كان انيسيفورس حيا أم راقدا على رجاء القيامة عند كتابة الرسالة. وإن كان قد مات فسيشمل كلام الرسول أهله ايضا الذين يسلّم عليهم كأحياء وليس كأموات! هذا مع كم الايات التي تنهي عن التعامل مع الموتى في الكتاب المقدس. القراءة السطحية واقتباس أجزاء من الآية هي الطريقة الوحيدة لتحريف فهم ما يكتبه الرسول بولس هنا.