ما معنى “إلى أبد الآبدين”؟

يستخدم الكتاب المقدس تعبير “إلى أبد الآبدين” في رؤيا ١٤: ١١ و ١٩: ٣ و ٢٠: ١٠
“فصَعِدوا علَى عَرضِ الأرضِ، وأحاطوا بمُعَسكَرِ القِدّيسينَ وبالمدينةِ المَحبوبَةِ، فنَزَلَتْ نارٌ مِنْ عِندِ اللهِ مِنَ السماءِ وأكلَتهُمْ. وإبليسُ الّذي كانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ في بُحَيرَةِ النّارِ والكِبريتِ، حَيثُ الوَحشُ والنَّبيُّ الكَذّابُ. وسَيُعَذَّبونَ نهارًا وليلًا إلَى أبدِ الآبِدينَ” رؤيا ٢٠: ٩-١٠

ويُستخدم هذا التعبير كثيرا في حجة أن عذاب الأشرار وابليس سيستمر بلا نهاية وقت في الأبدية. ولكن مثل كلمة “أبدي” يعتمد معنى الصفة على الموصوف. عندما يكون الموصوف الله، يكون المعنى مُطلق لأنه أزلي بلا موت. وعندما تصف خلائق فانية فالمعنى مقصور ومحدود على ديمومتها.
نجد هذا الاستخدام في عقاب أرض آدوم في اشعياء ٣٤: ٩- ١٠
“وتَتَحَوَّلُ أنهارُها زِفتًا، وتُرابُها كِبريتًا، وتَصيرُ أرضُها زِفتًا مُشتَعِلًا. ليلًا ونهارًا لا تنطَفِئُ. إلَى الأبدِ يَصعَدُ دُخانُها. مِنْ دَوْرٍ إلَى دَوْرٍ تُخرَبُ. إلَى أبدِ الآبِدينَ لا يكونُ مَنْ يَجتازُ فيها” يقول بأنها “ليلا ونهارا لا تنطفئ” و “إلى الأبد يصعد دخانها”!!! ولكنها احترقت واستمر الحريق “إلى الأبد” حتى هلكت بالكامل وبالتمام ولن تقوم لها قائمة فيما بعد.

في العهد القديم نجد استخدام كلمة “أبدي” بمعنى محدود في عدة أماكن:
– خروج ٢١: ٦ “فيَخدِمُهُ إلَى الأبدِ” عن العبد الذي يريد البقاء مع سيده. واضح بأن هذا العبد وسيده سيموتان مثل باقي البشر وإن اختياره العبد للخدمة لا يجعله عديم الموت!

– ١ صموئيل ١: ٢٢ “مَتَى فُطِمَ الصَّبيُّ آتي بهِ ليَتَراءَى أمامَ الرَّبِّ ويُقيمَ هناكَ إلَى الأبدِ”. هل مات صموئيل أم جعله هذا عديم الموت ليخدم في بيت الرب إلى الأبد حتى بعد ما زال الهيكل نفسه؟ بالطبع تعني هنا الكلمة (إلى نهاية حياته هو) أو (ما دام موجودا).

– فليمون ١: ١٥ “لأنَّهُ رُبَّما لأجلِ هذا افتَرَقَ عنكَ إلَى ساعَةٍ، لكَيْ يكونَ لكَ إلَى الأبدِ”. يقول بولس هنا لفليمون بأن يستقبل انسيمس إلى الأبد! هل يجعلهما هذا عديمي الموت؟؟ بالتأكيد لا. إنه يعنى ما داما أحياء.

– “فهوذا يأتي اليومُ المُتَّقِدُ كالتَّنّورِ، وكُلُّ المُستَكبِرينَ وكُلُّ فاعِلي الشَّرِّ يكونونَ قَشًّا، ويُحرِقُهُمُ اليومُ الآتي، قالَ رَبُّ الجُنودِ، فلا يُبقي لهُمْ أصلًا ولا فرعًا” ملاخي ٤:١
سيهلك الرب إلى الأبد الموت والجحيم أيضا لأن لا حاجة لهما بعد! “وطُرِحَ الموتُ والهاويَةُ في بُحَيرَةِ النّارِ” رؤيا ٢٠:١٤

بعدما يُهلك الرب الأشرار والشرير في النار المعدة لهم (بحيرة النار والكبريت) من الواضح بأن العقاب أبدي أي أن نتيجته نهائية وأبدية. ولا قيامة بعد من هذا العقاب. وليس أن عملية المعاقبة تستمر إلى الأبد بلا نهاية وقت مع أن الجريمة كانت وقتية محدودة بوقت حياة الانسان على الارض.

النار الأبدية

من أين تأتي ضلالة عدم الموت في الجحيم؟ تأتي من الأغريق الذين لا يؤمنون بموت النفس! إن لم تدخل هذه الضلالة الكنائس لفهم الجميع نهاية الأشرارعلى أنها (فناء)!

لاحظ بأن الكتاب المقدس يصف النار بأنها أبدية (ايونيوس aionios ) وليس النفس التي تُلقى فيها! فالنفس فانية بحسب تعليم كل الكتاب المقدس. راجع عدد مجلة استيقظ عن الموت الأول (الموت قبل مجيء الرب ثانية) ومفهوم النفس والروح في الكتاب المقدس.

هل يُناسب العقاب الجريمة؟

نعم! يقول الرب في لوقا ١٢: ٤٧ – ٤٨ “وأمّا ذلكَ العَبدُ الّذي يَعلَمُ إرادَةَ سيِّدِهِ ولا يَستَعِدُّ ولا يَفعَلُ بحَسَبِ إرادَتِهِ، فيُضرَبُ كثيرًا. ولكن الّذي لا يَعلَمُ، ويَفعَلُ ما يَستَحِقُّ ضَرَباتٍ، يُضرَبُ قَليلًا. فكُلُّ مَنْ أُعطيَ كثيرًا يُطلَبُ مِنهُ كثيرٌ، ومَنْ يودِعونَهُ كثيرًا يُطالِبونَهُ بأكثَرَ”. ولكن الضربات هذه ليست بلا نهاية زمن فالعقاب هو الموت الثاني!

وعقاب الخطية هو موت! وليس حياة عذاب إلى ما لا نهاية بحسب الكتاب المقدس: “لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ، وأمّا هِبَةُ اللهِ فهي حياةٌ أبديَّةٌ بالمَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.” رومية ٦: ٢٣

عقاب ابليس هو ايضا موت وفناء ورماد! وليس خلود في الجحيم: “قد نَجَّستَ مَقادِسَكَ بكَثرَةِ آثامِكَ بظُلمِ تِجارَتِكَ، فأُخرِجُ نارًا مِنْ وسطِكَ فتأكُلُكَ، وأُصَيِّرُكَ رَمادًا علَى الأرضِ أمامَ عَينَيْ كُلِّ مَنْ يَراكَ.” حزقيال ٢٨: ١٨.

ولكن ماذا عن: “وإبليسُ الّذي كانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ في بُحَيرَةِ النّارِ والكِبريتِ، حَيثُ الوَحشُ والنَّبيُّ الكَذّابُ. وسَيُعَذَّبونَ نهارًا وليلًا إلَى أبدِ الآبِدينَ.” رؤيا ٢٠: ١٠؟  تناولنا موضوع كلمة “ابد” في الكتاب المقدس أعلاه. ومن لوقا ١٢: ٤٧-٤٨ وحزقيال ٢٨: ١٨ وآيات عديدة اخرى نفهم بأن فترة وربما شدة الاحتراق متفاوتة بحسب استحقاق ابليس وملائكته والناس الاشرار للعقاب. ابليس سيحترق اطول فترة على الأغلب لأنه يقول “نهارا وليلا” ويشير هنا إلى أيام. ولكن نهاية الحرق في النار هو الرماد وعدم الوجود إلى الأبد كما يتضح من كل هذه الآيات.

ماذا يحدث بعد نهاية العقاب الأبدي؟

“ثُمَّ رأيتُ سماءً جديدَةً وأرضًا جديدَةً، لأنَّ السماءَ الأولَى والأرضَ الأولَى مَضَتا” رؤيا ٢١: ١
“وتَدوسونَ الأشرارَ لأنَّهُمْ يكونونَ رَمادًا تحتَ بُطونِ أقدامِكُمْ يومَ أفعَلُ هذا، قالَ رَبُّ الجُنودِ.” ملاخي ٤: ٣
كل شيء جديد! لا يتحدث عن مكان شواء الأشرار وابليس معهم على الأرض أو تحتها! بل يصيرون رمادا تحت لعشب الأخضر الجديد الذي يخلقه الرب.

ليس إلهنا حاشا إله سادي يخلق خلائق ويتركها تعيش في الخطية فترة قصيرة ويقوم بشواءها إلى الابد بعد ذلك ويُرغم من يخلّصهم من هذا المكان الرهيب على مشاهدة احباءهم وهم يتعذبون ويصرخون إلى ما لا نهاية. هذه صفات الشيطان بذاته التي بها يشوّه صفات الرب الذي هو “محبة”.